لواقعة الطف اثر عميق في قلوب المسلمين بل تعدى الامر ليكون أثرها مؤثرا في نفوس العالم أجمع ، لما تجلى في احداثها من عناوين للبطولة والتضحية والتفاني في سبيل نصرة المظلوم ومواجهة الظالم ، وعلى الرغم من ان كتب التاريخ تتحدث عن الكثير من المواقف التي تعرض لها اهل البيت (ع) الا ان مصاب عاشوراء من اكبر المصائب التي حدثت في تاريخنا الاسلامي .
حملت واقعة الطف في طياتها حزمة من المآسي والآلام والفجائع في كل تفاصيلها، وأبلغها في المظلومية هي جريمة قتل طفل البالغ من العمر سته اشهر وهو في احضان ابيه لتكون مدخل إلى دين حق، واهتداء للصراط المستقيم، وبداية لحمل راية المظلومين، وبناء أنموذج التقوى بأسس الولاية لأهل البيت (عليهم السلام).
على الرغم من صغر عمره الا انه كان الشاهد الكبير لمدى كره الاسلام ومفاهيم الحق والعدالة ، ليثبتوا للعالم مدى الانحراف الذي أصاب الأمة، ومدى الحقد والفساد الذي يسيرون فيه، فإن قتلهم الأطفال دون وازع من دين، ودون شعور من فطرة، لهو خير دليل على أن الفساد قد دخل عقولهم وتمكن من نفوسهم، أظهروا مدى حقدهم على أهل البيت (ع) حتى في صغارهم.
كانت شهادته معلومة للأمام الحسين (ع)، فهو يعلم بنهاية أصحابه ومن معه، وقد كانت مسيرته بتخطيط إلهي . فتشير كتب التاريخ الى ان الامام الحسين (ع) قبل أن يخرج للعراق بثلاث ليال، تم اعلامه بضعف الناس في الكوفة، فأومأ بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء، ونزل من الملائكة عدد لا يحصيهم إلاّ الله، وقال:” لولا تقارب الأشياء وحبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلمُ علماً أنّ من هناك مصعدي، وهناك مصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلاّ ولدي علي” .
ومن الجدير بالذكر ، ان الامام الحسين (ع) عند مقتل عبد الله الرضيع، أخذ دمه بكفه الشريفة، ورمى به إلى السماء، فلم يَسقُطْ من ذلك الدم قطرةٌ إلى الأرض. لتكون شهادته في أعلى عليين، ويخفف على أهل الأرض.
هناك حقيقة يدركها الجميع ، وهي العظمة والمكانة التي نالها اهل البيت عند الله تعالى، وعلى المنوال ذاته أصبح الطفل عبد الله الرضيع باباً للحوائج ومحطاً للكرامات، واشارت الكثير من الروايات في وصف كرامته لذلك قيل عنه وإن كان صغيراً من جهة العمر إلا أنه كبير وعال المرتبة بين أصحاب الحسين (ع) .