مؤتمر اطلاق المرصد الوطني لأسوء انواع العنف المبني على العدالة بين الجنسين في العراق
8/12/2021
بغداد /جامعة بغداد
عقد مركز دراسات المرأة في جامعة بغداد وبرنامج الامم المتحدة الانمائي مؤتمرا خاصا بأطلاق المرصد الوطني لأسوء انواع العنف المبني على العدالة بين الجنسين في العراق .وذلك في يوم الاربعاء المصادف 8 كانون الاول /ديسمبر2021 وبالتزامن مع حملة ال16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة . وفي اروقة جامعة بغداد
الغرض من تأسيس المرصد هو تطوير منظومة مراقبة لرصد أسوء انواع العنف ضد المرأة في العراق و تنسيق الجهود المتفرقة في مجال جمع وتوفير البيانات والمعلومات بغية تطوير المعرفة حوله من خلال انتاج التقارير والدراسات التي تساعد في فهم الظاهرة واتجاهاتها .
تأتي مبادرة تأسيس المرصد استجابة لالتزامات االعراق بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها وتنفيذاً للسياسات والخطط التي تبنتها الحكومة العراقية ومن أهمها الخطة الوطنية لاجندة المرأة والامن والسلام لتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي 1325 والبيان المشترك ورؤية العراق للتنمية المستدامة 2030 والاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف القائم على العدالة بين الجنسين ٢٠١٨-٢٠٣٠.
هذا وحضر المؤتمر الناطق الرسمي لدائرة الإعلام والعلاقات العامة الأستاذ سعد معن والسيدة سؤدد مديرة مكتب رئيس الجامعة ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأستاذ أحمد محمد العوادي ومدير مركز الإحصاء والتعداد السكاني أ.نصير أسماعيل وعدد من رؤساء وحدات وشعب وأقسام تمكين المرأة في الجامعات والوزارات العراقية .
وأفتتحت السيدة مديرة المركز أ.م.د. عذراء اسماعيل زيدان المؤتمر بكلمتها بأن هذا المؤتمر قائم على مناهضة العنف ضد المرأة
تضمنت جلسات المؤتمر عدد من أوراق العمل قدمها اكاديميون ومختصين في مجال العنف ضد المرأة
ابتدأ المؤتمر بكلمة جامعة بغداد قدمتها الدكتورة سداد هاشم باركت فيها جهود مركز دراسات المرأة بادارته وكوادره واصفة اياها بالمتميزة وأكدت على ان تشكيل مركز متخصص بداراسات المرأة هو مؤشرللاهتمام الذي توليه الجامعة لادماج قضايا النوع الاجتماعي .
وقدمت مديرة المركز الدكتورة عذراء اسماعيل زيدان نبذه مختصرة عن مشروع المرصد الوطني لاسوء انواع العنف عرفت فيها بطبيعة موضحة بان المرصد هو برنامج يهدف الى تطوير منظومة مراقبة يقودها مركز دراسات المرأة وبمساندة من الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالعنف القائم على النوع الاجتماعي في اطار مقاربة تشاركية لرصد أسوء انواع العنف ضد النساء ويسعى المرصد الى تعزيز قاعدة المعرفة بالعنف المبني على النوع ويوفر قاعدة بيانات متاحة للباحثين تقدم معلومات تفصيلية خاصة بكل حالة قتل او انتحار تتضمن خصائص الضحايا والسياق الذي وقعت فيه الجريمة وعلاقة الضحية بالجناة, والملاحقة القضائية للجناة ومسائلة الجناة. مع الحرص على عدم الكشف عن اي معلومة يمكن من خلالها الاستدلال على هوية الضحايا.وتستند على معلومات وبيانات تغذيه وتزوده بها كل الوزارات المعنية ،والمنظمات غير الحكومية ،ومواقع التواصل الاجتماعي . وتعرض تقرير سنوي يتم اطلاقه في شهر نوفمبر من كل عام بالتزامن مع اليوم العالمي للعنف ضد المرأة وحملة ال16 يوم لمناهضة العنف.
وتأكيدا على أهمية انشاء مرصد لمراقبة العنف الموجه ضد النساء والفتيات وأستكمالا لما قدمته مديرة المركز حول اليات عمل المرصد . قدمت الدكتورة اسماء جميل رشيد مداخلة رئسة قسم بحوث التمكين في مركز دراسات المرأة أوضحت فيها الحاجة الى انشاء مثل هذه المراصد واليات عملها مشيرة الى فريق المهام المرصد الوطني لاسوء أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي المرصد الوطني لاسوء أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي شكل بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي وعقد اجتماعه التنسيقي الاول في مطلع ايلول من العام الجاري وضم مجموعة من ممثلي الوزارات المعنية بالعنف ومنظمات مجتمع مدني واكاديمين . والذي كان الغرض من تشكيله هو تعزيز التنسيق والتعاون بين القطاعات المختلفة لضمان توسيع المعرفة بأسوء انواع العنف الذي تتعرض له النساء والفتيات في العراق وبما يخدم تحسين الاستجابة له. كما وضحت الدكتورة اسماء الاهداف فريق المهام ومهامه واليات عمله.
وقدم اللواء سعد معن مدير العلاقات والاعلام في وزارة الداخلية مداخلة أهم ماجاء فيها عرضا لحوادث العنف الاسري المبلغ عنها في مديرية حماية الاسرة لهذا العام والبالغة 22728 حالة اعتداء منها (13535) حالة أعتداء قام بها الازوج ضد الزوجته و(2560) حالة اعتداء قامت بها الزوجة ضد الزوج.
تلته مداخلة الدكتور عودة یوسف سلمان المختص بالقانون الجنائي التي حللت بعمق الفجوات في نظام العدالة في العراق فيما يتعلق بحق المرأة في الحياة اذ تناولت ورقته السیاسة الجنائیة التي توجه المشرع العراقي لحمایة حق المرأة في الحیاة . موضحا ان قواعد التجریم و العقاب التي تھدف لحمایة حق الحیاة في التشريع العراقي تحولت الى مظلة یستظل بھا الجناة للافلات من العقاب وفقدت هذه القواعد قدرتھا على المنع و الردع بسبب عیوب الصیاغة التشریعیة للنصوص الجزائیة ، والتي أصبحت تهدد حق المرأة في الحیاه بدلا من ان تحمي ھذا الحق ، وجعلته عرضة للأنتھاك بعد ان تضیق وتنحسر عنھ الحمایة الجنائیة. أستند طرح الدكتور عودة على استقراء نص المادة )٤٠٩( من قانون العقوبات العراقي والتي تكاد تبیح قتل المرأة من خلال الظروف المخففة التي تلتمسها محكمة الموضوع للجاني الى جانب اصل النص الذي یقرر لھ عذرا قانونیاً ینزل بعقوبة جنایة القتل الى عقوبة الجنحة. ليصبح قتل النساء جنحة وليس جناية أو جريمة القتل العمد استنادا الى مدة العقوبة التي لاتتجاوز الثلاث سنوات كما انه اتاح للجاني ان يسوق مختلف الاعذار ليحصل على الحد الادنى من العقوبة بحيث لاتتجاوز السنة الواحدة وغالبية العقوبات الخاصة بهذه الجرائم معطلة ومع وقف التنفيذ.
أكد الدكتور عودة على ان المشرع العراقي في هذا النص انساق الى التقاليد والعادات الاجتماعية التي تنعكس على شكل ممارسات ضارة بالمرأة في الوقت الذي يجب ان تكون فيه النصوص القانونية مكرسة للقيم الايجابية في المجتمع.وانىىھذا النص لا ینسجم مطلقا مع النصوص العقابیة ذات الصلة بالموضوع و خرو ًجا على أسس التشریع الجنائي وقواعده المستقرة ذلك ان الاصل في القانون الجنائي أن لا یبیح اي اعتداء على أي حق الا بشروط ولعل ابرزھا شرط التناسب كما ھو في )حالات الدفاع الشرعي عن النفس وحالھ الضرورة ( وذلك لان المشرع الجنائي أعتبر الخیانة الزوجیة و وصفھا قانونيا بأعتبارھا جنحة ، وهذه الجنحة لاتستدعي اباحة قتل المرأةلارتكابها هذه الجنحة عندما یبیح المشرع قتل أنسان لارتكابھ جنحة. اما السبب الثاني: هو الرجل والمرأة یتساویان من حیث القدرة والفاعلیة في ارتكاب الخیانة الزوجیة لذا یتوجب المساواة بینھما في التجریم والعقاب وھو مالم یحصل ، فالقانون یجرم ویعاقب المرأة ، فالرجل فلا یجرم ولا یعاقب الا اذا وقع الفعل في دار الزوجیة ، الأمر الذي یجعل افعال الخیانة الزوجیة بالنسبة للرجل اقرب الى دائرة الأباحة منھا إلى دائرة التجریم ، أضف الى ذلك ان المشرع جعل المرأة فاعل اصلي للجریمة والرجل لا یعدو أن یكون شریكا ً. وهذا يعني أن المشرع ترك العنصر الأكثر فاعلیة في ارتكاب الخیانة الزوجیة خارج دائرة التجریم ، وبنفس الوقت منح الرجل حق قتل المرأة لارتكابھا الخیانة الزوجیة اي ان القانون فتح الابواب امام افعال الخیانة الزوجیة ، وفي ذات الوقت أباح قتل المرأة لارتكابھا ھذه الأفعال ،
اما فيما يتعلق بالسیاسة الإجرائیة الخاصة بالتحقيق في جرائم قتل النساء فأن هناك حاجة فعلية الى أعتبار جرائم قتل المرأة أو وقائع الأنتحار من الجرائم المھمة وحصر التحقیق فیھا من قبل قاضي التحقیق في كافة إدوار التحقیق ، وذلك تمهيدا لأنشاء محكمة مختصة بالتحقیق بجرائم قتل النساء وصولاً لأنشاء قضاء متخصص بجرائم قتل النساء تحقیقاً ومحاكمة
كما ان من الضروري عدم قبول التنازل عن الشكوى في جرائم قتل النساء بأعتبار ان الجناة في الغالب من ذوي القربة ,وعدم تخفیف المسؤولیة عن الجناة وذلك بحرمان الجناة من الاستفادة من ظروف التخفیف ، وعدم رفع المسؤولیة الجزائیة عن مرتكبي ھذه الجرائم . والاهم منكل ذلك عدم قبول الدفع من الجناة بأنھم ارتكبوا ھذه الجرائم تحت تأثیر الاستفزاز او بباعث شریف واعتبار قتل المرأة في مثل ھذه الحالات ظرفاً مشدداً وحرمان الجناة من الاستفادةمن اي ظروف تخفیف.
المداخلة الاخيرة قدمتها الدكتورة يمامة محمد حسن كشكول.من كلية القانون الجامعة المستنصرية ناقشت فيها
أثر الأعراف الجندرية في تكريس العنف والتمييز الجندري ضد المرأة في نصوص قانون العقوبات العراق رقم ( 111 ) لسنة 1969 ، وجادلت في مدى دستورية هذه المادة ، وفيما اذا كانت موافقة للدستور العراقي لسنة 2005 ، أم أنها مشوبة بعدم الدستورية ، وأن كانت فعلا مشوبة بعدم الدستورية ، فما هي الوسائل القانونية التي يمكن أستخدامها لالغاء هذه المادة أو تعديلها بما يتلائم مع احكام الدستور العراقي ،
ووضحت الورقة ان المجتمع العراقي وقت تشريع القانون في العام 1969 كانت تحكمه اعراف كثيرة تتناسب مع تفكير وقناعات الافراد في وقتها ، وهذا ما أثر بشكل مباشر على القابضين على السلطة التشريعية مما أدى ان تنتقل تلك الاعراف من وجدان المجتمع الى نصوص مكتوبة لتكتسب الصيغة الالزامية بأعتبارها قوانين مكتوبة ومثل هذه الاعراف ليست كلها اعراف سليمة ، بل قد تكون اعراف فاسدة استقرت في ضمير المجتمع لقصور فكره وخطأ تقديره ، ومن هذه الاعراف هي سيطرة الرجل على المرأة في كل المجالات وتفضيله عنها في كافة الامور ، فأغلب تصرفات المرأة قد تجلب العار للرجل ، دون ان يكون العكس صحيح . وعلى اساس هذه الاعتقادات والاعراف الجندرية ، فقد كرس بعضها على شكل نصوص قانونية ، مثل في المادة ( 409 ) من قانون العقوبات ، التي تمنح الرجل الذي يفاجىء زوجته في وضع زنا او وضع يشتبه به حصول الزنا ، عذرا مخففا على اساس ما ينتابه من مفاجأة وغضب يدفعه لقتل زوجته وشريكها ، او ضربهما ضربا يؤدي الى حصول عاهة مستديمة ، فيعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات بدلا من عقوبة الاعدام أو السجن المؤبد.وهي الحالة التي تسمى في التشريع العراقي
حالة الاستفزاز .
في ختام المؤتمر تقدمت مديرة المركز بالشكر والامتنان للبرنامج الامم المتحدة الانمائي لمساهمته في دعماطلاق المرصد كما شكرت الباحثين الذين قدموا مداخلات مهمة شكلت الاساس المعرفي لانطلاقعمل المركز وقدمت لهم شهادات تقديرية .